٤ ـ رسالة الحسن البصري في الدفاع عن نظرية الاختيار
قال القاضي عبد الجبار : المشهور أن عبد الملك بن مروان كاتبه بأنه قد بلغنا عنك من وصف القدر ما لم يبلغنا عن أحد من الصحابة فاكتب بقولك إلينا في هذا الكتاب فكتب إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليك أما بعد : فإن الأمير أصبح في قليل من كثير مضوا ، والقليل من أهل الخير مغفول عنهم ، وقديماً قد أدركنا السلف الذين قاموا بأمر الله ، واستنوا بسنة رسوله ، فلم يبطلوا حقاً ، ولا ألحقوا بالرب تعالى إلا ما ألحق بنفسه ، ولا يحتجون إلا بما احتج الله تعالى به على خلقه بقوله الحق ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (١) . ولم يخلقهم لأمر ثم حال بينهم وبينه ، لأنّه تعالى ليس بظلام للعبيد ولم يكن في السلف من ينكر ذلك ولا يجادل فيه ، لأنّهم كانوا على أمر واحد متسق (٢) . وإنّما أحدثنا الكلام فيه ، حيث أحدث الناس النكرة له ، فلما أحدث المحدثون في دينهم ما أحدثوه ، أحدث المتمسكون بكتابه ما يبطلون به المحدثات ويحذرون به من المهلكات .
____________________
(١) سورة الذاريات : الآية ٥٦ .
(٢) في مخطوطة أيا صوفيا : متفقين .