(٣)
الإيمان بالقدر خيره وشره
هذا هو الأصل الثالث الذي اتّفقت عليه كلمات أهل الحديث .
القدر كما ذكره بعض أئمة اللغة : حدّ كل شيء ومقداره . والقضاء بمعنى الحكم البات ، قال سبحانه : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (١) وقال تعالى : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) (٢) .
وعلى ذلك فالقدر في الأشياء ، هو تحديد وجود الشيء والقضاء هو إبرامه ويؤيد ذلك ما روي عن بعض أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ : القدر هو الهندسة ووضع الحدود في البقاء والفناء ، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين (٣) .
القول بالقضاء والقدر على نحو الإجمال من العقائد الإسلامية التي لا يصح لمسلم إنكارها ، ولو كان هناك اختلاف فإنّما هو في تفسيرهما وأنّه هل القضاء والقدر بمعنى التقدير والحتم على أفعال الإنسان وخلقها بلا إرادة واختيار منه ، وأنّه في مسرح الحياة مكتوف اليدين فيما كتب وقدر عليه حتى فيما يتعلق بالتكاليف ( الحلال والحرام ) أو أنه بمعنى علمه السابق ، على وجود الأشياء وتقديره وتحديده والحكم بوجودها على وجه لا ينافي اختيار العبد وحريته من
____________________
(١) سورة القمر : الآية ٤٩ .
(٢) سورة الإسراء : الآية ٢٣ .
(٣) الكافي : ج ١ ص ١٥٨ .