وقال تعالى ـ راداً على متخذي الأصنام آلهة من دونه ـ : ( أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ ، أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا ، أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (١) . والأثارة والأثرة ، راجعان في المعنى إلى شيء واحد ، وهو ما أثر من كتب الأولين . وكذلك سبيل من ادعى علماً أو حقاً من حقوق الأملاك ، أن يقيم دون الإقرار برهاناً ، إمّا شهادة ذوي عدل أو كتاباً غير مموه ، وإلا فلا سبيل إلى تصديقه .
والكتاب شاهد عند التنازع . . . » إلى آخر ما ذكره (٢) .
نرى أنه سبحانه قد شرح دساتير وحيه وآي قرآنه بالأمر بالقراءة مبيناً أهمية القلم في التعليم والتعلم حيث قال عز من قائل : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) (٣) .
بل وعظم سبحانه القلم والكتابة تعظيماً ، حتى جعلها بمرتبة استحقاق القسم بها فهو جل وعلا يقول : ( ن ، وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) (٤) .
أفهل يعقل معه أن ينهى رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) عن كتابة ما هو قرين القرآن وتاليه في الحجية ، أعني السنة الشريفة ؟ كلا .
هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ما نسب إليه ( صلی الله عليه وآله وسلم ) من النهي عن كتابة الحديث ، يخالف منطق الوحي والحديث والعقل ، وما هو إلا وليد الأوهام والسياسات التي أخذت تمنع نشر حديث الرسول ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وتدوينه لغايات سياسية لا تخفى على ذي
____________________
(١) سورة الأحقاف : الآية ٤ .
(٢) تقييد العلم : ص ٧٠ ـ ٧١ .
(٣) سورة العلق : الآية ١ ـ ٤ .
(٤) سورة القلم : الآية ١ .