لا نحتاج لذكره » (١) .
وقال الحافظ ابن حجر في الفصل الثالث من الإصابة : « اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة . وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلاً نفيساً في ذلك فقال : عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم ، ثم نقل عدة آيات حاول بها إثبات عدالتهم وطهارتهم جميعاً إلى أن قال : روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة » (٢) .
هذه كلمات القوم وكم لها من نظائر نتركها طلباً للاختصار .
تقييم هذه النظرية يتم بتبيين أمور :
١ ـ إن البحث عن عدالة الصحابي أو جرحه ليس لغاية إبطال الكتاب والسنة ولا لإبطال شهود المسلمين ، لما سيوافيك من أن الكتاب شهد على فضل عدة منهم ، وزيغ آخرين وهكذا السنة ، إنما الغاية في هذا البحث هي الغاية في البحث عن عدالة التابعين ومن تلاهم من رواة القرون المختلفة ، فالغاية في الجميع هي التعرف على الصالحين والطالحين ، حتى يتسنى لنا أخذ الدين عن الصلحاء والتجنب عن أخذه عن غيرهم ، فلو قام الرجل بهذا العمل وتحمل العبء الثقيل ، لما كان عليه لوم فلو قال أبو زرعة ـ مكان قوله الآنف ـ هذا القول : « إذا رأيت الرجل يتفحص عن أحد من أصحاب الرسول لغاية العلم بصدقه أو كذبه ، أو خيره أو شره ، حتى يأخذ دينه عن
____________________
(١) أسد الغابة : ج ٢ ص ٣ .
(٢) الإصابة : ج ١ ص ١٧ .