الخيرة الصادقين ، ويحترز عن الآخرين ، فاعلم أنه من جملة المحققين في الدين والمتحرين للحقيقة » ، لكان أحسن وأولى بل هو الحسن والمتعين .
ومن غير الصحيح أن يتهم العالم أحداً ، يريد التثبت في أمور الدين ، والتحقيق في مطالب الشريعة ، بالزندقة وأنه يريد جرح شهود المسلمين لإبطال الكتاب والسنة ، وما شهود المسلمين إلا الآلاف المؤلفة من أصحابه ( صلی الله عليه وآله وسلم ) فلا يضر بالكتاب والسنة جرح لفيف منهم وتعديل قسم منهم ، وليس الدين القيم قائماً بهذا الصنف من المجروحين « ما هكذا تورد يا سعد الإبل » .
٢ ـ إن هذه النظرية تكونت ونشأت من العاطفة الدينية التي حملها المسلمون تجاه الرسول الأكرم ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وجرتهم إلى تبني تلك الفكرة وقد قيل : « من عشق شيئاً ، عشق لوازمه وآثاره » .
إن صحبة الصحابة لم تكن بأكثر ولا أقوى من صحبة امرأة نوح وامرأة لوط فما أغنتهما عن الله شيئاً قال سبحانه : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .
إن التشرف بصحبة النبي لم يكن أكثر امتيازاً وتأثيراً من التشرف بالزواج من النبي وقد قال سبحانه في شأن أزواجه : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) (٢) .
٣ ـ إن أساتذة العلوم التربوية كشفوا عن قانون مجرب وهو أن الإنسان الواقع في إطار التربية ، إنما يتأثر بعواملها إذا لم تكتمل شخصيته الروحية والفكرية لأن النفوذ في النفوس المكتملة الشخصية ، والتأثير عليها والثورة على أفكارها وروحياتها ، يكون صعباً جداً ( ولا أقول أمراً محالاً ) بخلاف ما إذا كان الواقع في إطارها صبياً يافعاً أو شاباً في عنفوان السن ، إذ عندئذٍ يكون قلبه
____________________
(١) سورة التحريم : الآية ١٠ .
(٢) سورة الأحزاب : الآية ٣٠ .