الانقياد لمواقف السلف ، وآرائهم ، وراء ابتعاد جماعات كبيرة من الشباب من أبناء المسلمين عن الإسلام السهل الحنيف ، وإساءة الظن به وبمؤسساته . وهذا هو ما حدا ببعض الغيارى والمتحررين من المفكرين الإسلاميين إلى التصدي لهذا الاتجاه الدخيل على الإسلام البعيد عن روحه النقية السمحة .
وممن انبرى لإبطال هذا المذهب وإزالة الغبار عن وجه الحقيقة الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه « السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي » .
حيث عمد أولاً إلى تفنيد زعم السلفيين المعاصرين بأن على المسلم أن يجمد على ما ورد عن السلف وعلى منهجهم وكأنه مذهب إسلامي مقدس لا يجوز أن تناله يد الجرح والتعديل ، ولا أن يخضع للنقاش والنقد بل لا يجوز أن يتخطى في مقام العمل والسلوك .
حيث قال : إن اتباع السلف لا يكون بالانحباس في حرفية الكلمات التي نطقوا بها أو المواقف الجزئية التي اتخذوها لأنهم هم أنفسهم لم يفعلوا ذلك (١) .
ثم قال : إن من الخطأ بمكان أن نعمد إلى كلمة ( السلف ) فنصوغ منها مصطلحاً جديداً طارئاً على تاريخ الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي ألا وهو ( السلفية ) فنجعله عنواناً مميزاً تندرج تحته فئة معينة من المسلمين تتخذ لنفسها من معنى هذا العنوان وحده ، مفهوماً معيناً ، وتعتمد فيه على فلسفة متميزة بحيث تغدو هذه الفئة بموجب ذلك ، جماعة إسلامية جديدة في قائمة جماعات المسلمين المتكاثرة والمتعارضة بشكل مؤسف في هذا العصر ، تمتاز عن بقية المسلمين بأفكارها وميولها بل تختلف عنهم حتى بمزاجها النفسي ومقاييسها الأخلاقيّة كما هو الواقع اليوم فعلاً .
بل إننا لا نعدو الحقيقة إن قلنا : إن اختراع هذا المصطلح بمضامينه الجديدة التي أشرنا إليها بدعة طارئة في الدين لم يعرفها السلف الصالح لهذا الأمة ، ولا الخلف الملتزم بنهجه (٢) .
____________________
(١) السلفية مرحلة زمنية ص ١٢ .
(٢) المصدر نفسه : ص ١٣ .