مؤرخ العقائد ومسؤوليته الخطيرة
التاريخ من العلوم الإنسانية التي اهتم بها البشر منذ فجر الحضارة ، وقد قام إنسان كل عصر وجيل بضبط الحوادث التي عاصرها وعايشها أو تقدمت عليه ، بمختلف الوسائل من أبسطها إلى أعقدها حيث كان يسجل الحوادث ، يوماً بالنقش على الأحجار والجدران ، ويوماً بالكتابة على الجلود والعظام وجريد النخل ، ويوماً بالتحرير على القراطيس والأوراق حتى وصل إلى ما وصل إليه في العصر الحاضر من وسائل الإعلام والنشر .
وقد قدم بعمله هذا إلى الأجيال المتأخرة كنزاً ثميناً ، ورصيداً فكرياً غالياً وغنياً وتجارب ملؤها العبر والدروس ، والمواعظ والنصائح التي لا يوجد نظيرها في أي مختبر من مختبرات العالم سوى في هذا المختبر ( التاريخ ) .
( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ) .
وربما
يتصور متصور أن تسجيل التاريخ وضبط الحوادث أمر سهل لا يستدعي سوى الشعور بالوقائع ، ومعرفة اللغة ، والكتابة ، ولكنني أعتقد ـ ككثير ممن لهم إلمام بالمسائل التاريخية ـ أن كتابة التاريخ الحقيقي الصحيح الذي يمكن أن يكون مساقط العبر والاعتبار ، ومهابط الوعظ والنصح ، أمر مشكل جداً ، لأن الهدف من تسجيل الحوادث ، هو : إراءتها للأجيال المتأخرة على ما هي عليه سواء أكانت الحوادث بعامة خصوصياتها موافقة مع ميوله