الفصل الثاني
بدايات الاختلاف في عصر الرسالة
لا شك في أن المسلمين قد اختلفوا بعد لحوق النبي الأكرم بالرفيق الأعلى إلى فرق مختلفة ، وسنبين جذور هذه الخلافات وحوافزها في الأبحاث الآتية .
إنما الكلام في وضع المسلمين أيام النبي الأكرم فهل كانوا محتفظين بوحدة كلمتهم ومستسلمين لأمر نبيهم جميعاً كما أمر الله به سبحانه أم كان هناك بعض الاختلاف بينهم في جملة من المسائل ؟
لا شك أن المسلم الحقيقي هو من يستسلم لأوامر الله ورسوله ولا يخالفه قيد شعرة آخذاً بقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) . وقد فسر المفسرون قوله سبحانه : ( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) بقولهم : أي لا تتقدموا على الله ورسوله في كل ما يأمر وينهى ، ويؤيده قوله سبحانه في نفس السورة : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) (٢) .
وقال عز من قائل : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٣) .
____________________
(١) سورة الحجرات : الآية ١ .
(٢) سورة الحجرات : الآية ٧ .
(٣) سورة النساء : الآية ٦٥ .