١ ـ خطبة الإمام أمير المؤمنين (ع)
روى الكليني عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد مرفوعاً قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جالساً بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه (١) ، ثم قال له : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر ؟ فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر ، فقال له الشيخ عند الله أحتسب عنائي (٢) يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : مه يا شيخ ! فوالله لقد عظم الله الأجر في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين .
فقال له الشيخ : وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟ فقال له : وتظن أنه كان قضاء حتماً وقدراً لازماً ؟ إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا
____________________
(١) جثا يجثوا جثواً وجثياً بضمهما : جلس على ركبتيه وأقام على أطراف أصابعه . والتلعة ما ارتفع من الأرض .
(٢) أي منه أطلب أجر مشقتي .