لأنه هو الذي حول نظام الحكم الإسلامي عن قاعدته الديمقراطية إلى عصبية الغلب ( الملك لمن غلب ) ولولا ذلك لعم الإسلام العالم كله ولكنا نحن الألمان وسائر شعوب أوروبا عرباً مسلمين » (١) .
هذا خال المؤمنين ومن يترحم عليه خطباء الجمعة والجماعة فكيف حال غيره أضف إليه ما له من الموبقات والمهلكات مما لا يمكن لأحد إنكاره ؟ .
والاعتذار منه في تبرير أعماله القاسية باجتهاده في ما ناء به وباء بإثمه من حروب دامية وإزهاق نفوس بريئة تعد بالآلاف المؤلفة ، ليس إلا ضلالة وخداعاً للعقل فإنه اجتهاد على خلاف الله وضد رسوله ، وإلّا يصح أن يعد جميع المناوئين للإسلام مجتهدين في صدر الإسلام ومؤخره .
هذا مجمل القول في هذا الأصل الذي اتخذه أصحاب الحديث أصلاً من أصول الإسلام ثم أدخله الأشعري في الأصول التي يتبناها أكثر أهل السنة والجماعة .
وما أتفه قول من يريد تبرير عمل هؤلاء بالاجتهاد ، وأنهم كانوا مجتهدين في أعمالهم وأفعالهم ، أفهل يصح تبرير عمل القتل والفتك والخروج على الإمام المفترض طاعته ، بالاجتهاد ؟ ولو صح هذا الاجتهاد ( ولن يصح أبداً ) لصح عن كل من خالف الحق وحالف الباطل من اليهود والنصارى وغيرهم من الطغام اللئام .
أي قيمة للاجتهاد في قبال النص وصريح السنة النبوية وإجماع الأمة ؟ أي قيمة للاجتهاد الذي أباح دماء المسلمين ودمر كيانهم وشق عصاهم وفك عرى وحدتهم ، أي ، وأي ، وأي ؟ .
إن القائلين بعدالة الصحابة يتمسكون بما يروون عن النبي أنه قال : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (٢) غير أنّ متن الحديث يكذب صدوره عن
____________________
(١) تفسير المنار : ج ١١ ص ٢٦٩ في تفسير سورة يونس .
(٢) جامع الأصول : ج ٩ كتاب الفضائل ص ٤١٠ رقم الحديث ٦٣٥٩ .