السعي في فتح باب الاجتهاد سواء أوافق رأي الأئمة الأربعة أم خالفها (١) .
ونعني به الأصول التي يعتنقها أهل السنة في هذا الجيل والأجيال المتقدمة إلى زمن الإمام أحمد حول المبدأ والمعاد وأسمائه سبحانه وصفاته وما يرجع إلى الإنسان في عاجله وآجله .
ولا شك أن هذه الأصول قد دونت ورتبت في الكتب الكلامية للحنابلة بصورة بسيطة ، وفي كتب الأشاعرة بصورة علمية مبرهنة وقد قدمنا إليك عصارات مدوّنة من عقائدهم .
والذي نركز عليه هو أن هذه الأصول على اختلاف في عددها وإن صارت عقيدة لأهل السنة في هذه الأجيال ولكنها أصول اجتمعوا عليها منذ تصدر أحمد بن حنبل منصة الإمامة في العقائد والمعارف واستخرجها من السنة ودونها في رسائله وذكر أنها عقائد أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها ، المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي إلى يومنا هذا من علماء الحجاز والشام وغيرهم .
ولكن الحقيقة غير ذلك بل كان المسلمون أعني بهم أصحاب الحديث والسنة قبل تصدر أحمد لمنصة الإمامة في مجال العقائد على فرق وشيع ولم تكن هذه الأصول برمتها مقبولة عندهم وإنما الإمام أحمد وحدهم على تلك الأصول وقضى على سائر المذاهب الدارجة بين أهل الحديث أنفسهم ، فنسبة هذه الأصول إلى إمام الحنابلة أقرب إلى الحقيقة من نسبتها إلى الصحابة والتابعين وتابعي التابعين . والغافل عن تاريخ حياة الإمام وتأثيره في نفوس المسلمين وما كسب بعد الإفراج من العطف والحنان يتخيل أن هذه الأصول مذهب أهل السنة مع أنه لم يكن لهذه الأصول بهذا النحو ، أثر قبله بل كان المحدثون
____________________
(١) لاحظ مفاهيم القرآن : ج ٣ ص ٢٩٠ ـ ٣٠٥ تجد فيها بغيتك .