الاتجاهات الحزبية والتعصبات القبلية
إن أعظم خلاف بين الأمة هو الخلاف في قضية الإمامة ، إذ ما سل سيف قط في الإسلام وفي كل الأزمنة على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة ، وقد كان الشقاق بين المسلمين في تلك المسألة أول شقاق نجم بينهم وجعلهم فرقاً أو فرقتين . فمن جانب نرى علياً صلوات الله عليه ورجال البيت الهاشمي ركنوا إلى النص وقالوا : إن الإمامة شأنها شأن النبوة لا تكون إلا بالنص . وإن هذا النص قد صدر عن النبي في مواطن شتى ، آخرها واقعة الغدير المشهورة بين كافة الناس حينما قام النبي صلی الله عليه وآله في محتشد عظيم وقال : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه . . . » (١) .
ومن جانب آخر نرى الأنصار تجتمع في سقيفة بني ساعدة قبل تجهيز النبي صلی الله عليه وآله ومواراته ، يبحثون عن قضية الإمامة أو الخلافة ، فيرى سيدهم أن القيادة حق للأنصار رافعاً عقيرته بقوله : يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست في العرب ، إن محمداً صلی الله عليه وآله لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وقلع الأنداد
____________________
(١) راجع في تواتره وكثرة رواته في جميع العصور الإسلامية من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا ، ودلالته على الولاية الكبرى للإمام أمير المؤمنين ، كتاب الغدير : الجزء الأول ، ولأجل ذلك طوينا الكلام عن نقل مصادره .