وقد نقله أحمد في مسنده باختلاف يسير . ومعنى هذا الحديث الذي ينقله عن ذلك الصحابي عن الرسول : أن الشيطان يطعن كل ابن آدم إلا واحداً منه وهو عيسى بن مريم ، وأما الأنبياء كموسى ونوح وابراهيم وحتى خاتمهم ، لم يسلموا من طعن الشيطان . أو ليس ذلك الحديث يخالف كتاب الله حيث يقول : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) (١) .
فإذن ، كيف يمكن أن يقول النبي ذلك وقد أوحي إليه أنه ليس للشيطان سلطان على عباد الله المخلصين (٢) وخيرهم الأنبياء والمرسلون وفي مقدمهم نبي العظمة . ومن المحتمل جداً أن هذا الخبر وصل إلى أبي هريرة من رواة عصره ، نظراء كعب الأحبار أو زميله تميم الداري وأضرابهما وقد نسبوه إلى النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) . إنّ هذا الحديث ونظائره أوجد مشاكل في الدين وأعطى حججاً بأيدي المخالفين حتى يهاجموا الرسول الأكرم والأنبياء ، ويزعموا بأنهم سقطوا في الخطيئة واقترفوا الآثام ، إلا عيسى بن مريم فإنه أرفع من طبقة البشر وإنه وحده قد استحق العصمة والصون من الآثام .
فهؤلاء المحدثون لو فرض أنهم صادقون في نياتهم لكنهم كالصديق الجاهل أضروا بالإسلام بنقل هذه القصص والأساطير وأيدوا العدو بها وأتعبوا المسلمين من بعدهم .
إن لتميم الداري حديثاً معروفاً باسم حديث الجساسة ، نقله مسلم في الجزء الثامن من صحيحة ص ٢٠٣ تجد فيها من الغرائب ما تندهش منها العقول .
روي عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول ـ : سمعت نداء المنادي ( منادي رسول الله ) ينادي :
____________________
(١) سورة الحجر : الآية ٤٢ .
(٢) سورة النحل : الآية ٩٩ ، والحجر : الآية ٤٢ .