الفصل الثالث
علل تكون الفرق الإسلامية
إن الوقوف على تاريخ الفرق الإسلامية ، وكيفية تكونها والعلل الباعثة على نشأتها ، من الأبحاث المهمة التي تعين الباحث في تقييم المذاهب الإسلامية ومدى إخلاص أصحابها في نشرها وبثها بين الأمة وهذه النقطة الحساسة من علم الملل والنحل ، قد أهملت في كثير من كتب الفرق والنحل إلا شيئاً قليلاً لا يشبع نهمة الطالب ونحن نأتي في هذه العجالة بإجمال ما وقفنا عليه في تاريخ تكونها والبواعث الموجدة لها ، وأما الإسهاب في البحث فموكول إلى آونة أخرى .
لبى النبي الأكرم صلی الله عليه وآله دعوة ربه وانتقل إلى جواره وترك لأمته ديناً قيماً عليه سمات من أبرزها « بساطة العقيدة ويسر التكليف » وأخذ المسلمون يفتحون البلاد بقوة المنطق أولاً وحد السلاح ثانياً وأخذت قوى الكفر والشر تنسحب أمام دعاة الإسلام وجنوده البواسل ، وتنصاع لهداه البلاد إثر البلاد .
ارتحل الرسول الصادع بالحق ، وترك بين أمته كتاب الله العزيز الذي فيه تبيان كل شيء (١) ، وسنته الوضاءة المقتبسة من الوحي (٢) السليم من الخطأ ،
____________________
(١) ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) ( سورة النحل الآية ٨٩ ) .
(٢) ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) ( سورة النجم الآية ٤ ) .