المصون من الوهن وعترته الطيبين الذين هم في لسان نبيهم قرناء الكتاب (١) .
فالمسلمون الأولون في ضوء بساطة العقيدة وسهولة التشريع وفي ظل هذه الحجج والأدلة القويمة ، كانوا في غنى عن الخوض في أقوال المدارس العقلية والمناهج الكلامية التي كانت دارجة بين الأمم المتحضرة آنذاك ، فهم بدل الغور فيها ، كانوا يخوضون غمار المنايا ويرتادون ميادين الحروب في أقطار العالم وأرجاء الدنيا لنشر الدين والتوحيد ومكافحة شتى ألوان الشرك والثنوية ومحو العدوان والظلم عن المجتمع البشري .
نعم كان هذا وصفهم وحالهم إلا شذاذاً منهم من الانتهازيين ، عبدة المقام وعشاق المال ممن لم تهمّهم إلا أنفسهم وإلا علفهم وماؤهم ، وقد قلنا إن بساطة التكليف كانت إحدى العوامل التي صرفت المسلمين عن التوجه والتعرض للمناهج الفلسفية الدارجة في الحضارات القائمة آنذاك فلأجل ذلك كانوا يكتفون مثلاً في معرفة الله سبحانه بقوله عز من قائل : ( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٢) ، وقوله عز وجل : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) (٣) ، وفي نفي الشرك والثنوية كانوا يكتفون بقوله سبحانه : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) (٤) وفي التعرف على صفاته وأفعاله بقوله سبحانه : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ) (٥) ، إلى آخر سورة الحشر . وفي تنزيهه عن التشبيه والتجسيم بقوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٦) ،
____________________
(١) لقوله صلی الله عليه وآله وسلم : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . والتثليث في كلامنا لا يعارض التثنية في كلام الرسول صلی الله عليه وآله وسلم لأن مرجع كلام العترة إلى سنة الرسول التي أودعها في قلوبهم بإذن الله عز وجل .
(٢) سورة إبراهيم : الآية ١٠ .
(٣) سورة الطور : الآية ٣٥ .
(٤) سورة الأنبياء : الآية ٢٢ .
(٥) سورة الحشر : الآية ٢٢ .
(٦) سورة الشورى : الآية ١١ .