ولكن ابن عباس يقول أشد مما نقله أبو هريرة : « كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ؟ وكتابكم الذي أنزل على رسول الله أحدث الكتب تقرأونه محضاً لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً .
ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ؟ لا والله ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذي أنزل إليكم » (١) .
إن ابن عباس الذي هو وليد البيت النبوي أعرف بسنة النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) من أبي هريرة ، فهو ينهى عن السؤال والاستماع إلى كلماتهم بالمرة .
وبذلك يعلم أن ما أسند إلى النبي في المسانيد من القول « حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج » (٢) . إما موضوع ، أو مؤول محمول على ما علم من صدق الكلام .
إذا كان كعب الأحبار وزميله وهب بن منبه والمتقدم عليهما تميم الداري ، هم القصاصون في المجتمع الإسلامي والمتحدثون عن التوراة والإنجيل ، وكانت الصحابة ممنوعة عن التحدث عن النبي فمن الطبيعي أن ينتشر في العواصم الإسلامية الأساطير الخرافية حتى ما يمس بكرامة الأنبياء وكرامة النبي الأكرم . وهذا البخاري ينقل في صحيحه عن أبي هريرة ، قال : قال النبي : « كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه باصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب » (٣) .
____________________
(١) أضواء على السنة المحمدية : ص ١٥٤ ـ ١٥٥ ، نقلاً عن البخاري من حديث الزهري .
(٢) مسند أحمد : ج ٣ ص ٤٦ .
(٣) صحيح البخاري : ج ٤ باب صفة إبليس وجنوده ص ١٢٥ ، وج ٤ كتاب بدء الخلق ص ١٦٤ .