هذه ملحمة أهل الحديث وقصة مذهبهم الفقهي والعقائدي والأسف أن المفكرين من أهل السنة يتخيلون أن هذه الأصول التي يدينون بها باسم عقيدة السلف الإسلامية قبل التحاق الأشعري به وباسم عقيدة الإمام الأشعري بعد التحاقه هي نفس الأصول التي كان عليها المسلمون الأول إلى زمن الإمام أحمد وزمن الملتحق بهم الشيخ الأشعري .
وهذا التاريخ الواضح يفرض على المفكرين المتعطشين لمعرفة الحق دراسة هذه الأصول من رأس حتى لا يعبأوا بما جاء في هذه الكتب مما عليه ماركة « عقيدة السلف » أو « عقيدة الصحابة والتابعين » أو تابعي التابعين .
والذي يوضح ذلك هو أن كل واحد من هذه الأصول رد لمذهب نجم في القرون الأولى فلأجل التبرّي منه صار خلافه شعاراً لمذهب أهل السنة .
لا شك أن الفقه المنسوب إلى أحمد هو أحد المذاهب الفقهية المعروفة وتقتفيه جماعة كثيرة في الحجاز ونجد والشامات ولكن هذا الفقه المدون لا يمت إلى الفقه إلا بصلة ضعيفة وذلك لأن الإمام لم يكن إمام الفقه والاجتهاد بل كان إمام الحديث فكان يعد أكبر محدث في عصره وأعظم حافظ للسنة وأما الاجتهاد بالمعنى المصطلح الذي كان يتمتع به سائر الأئمة الأربعة فلم يكن متوفراً فيه إلا ببعض مراتبه الضئيلة التي لا يصح عده معها أحد الأئمة الفقهاء ، فإن للاجتهاد مؤهلات وشرائط محررة في محلها ، أعظمها وجود ملكة قدسية يقتدر معها الإنسان على استخراج الفروع عن الأصول وأما الإفتاء بالحكم في ضوء النص الصريح الوارد فيه فليس إلا مرتبة ضعيفة من الاجتهاد ، والاجتهاد المطلق يستدعي ذهناً وقاداً مشققاً للفروع ومستخرجاً إياها من الأصول إلى غير ذلك مما يقوم به أئمة الفقه والمعروف من الإمام أحمد غير ذلك فإن اجتهاده كان أشبه باجتهاد الأخباريين والمحدثين الذين يفتون بنص الحديث ويتوقفون في غير مورده .
وأما
المذهب الفقهي الحنبلي الدارج بين الحنابلة فقد جمع أصوله تلميذ