الإمام « الخلال » من هنا وهناك ومن الفتاوى المتشتتة الموجودة بين أيدي الناس حتى جعله مذهباً للإمام أحمد وجاء من جاء بعده فاستثمرها واستغلها حتى صار مذهباً من المذاهب .
كلام للذهبي
قال : « وقد دون عنه كبار تلامذته مسائل وافرة في عدة مجلدات . ثم ذكر أسامي عدة من تلاميذه الذين جمعوا مسائل الإمام وفتاواه ، وقال : جمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد وفتاويه وكلامه في العلل والرجال والسند والفروع حتى حصل عنده من ذلك ما لا يوصف كثرة ورحل إلى النواحي في تحصيله وكتب عن نحو من مائة نفس من أصحاب الإمام ثم كتب كثيراً من ذلك عن أصحاب أصحابه ، وبعضه عن رجل ، عن آخر ، عن آخر ، عن الإمام ثم أخذ في ترتيب ذلك وتهذيبه وتبويبه وعمل كتاب العلم وكتاب العلل وكتاب السنة ، كل واحد من الثلاثة في ثلاثة مجلدات » (١) .
فلو صح ما ذكره الذهبي فهو يعرب عن أن الإمام أحمد لم يكن رجلاً متربعاً على منصة دراسة الفقه وأصوله وقائماً بتربية الفقيه وأقصى ما كان يتمتع به هو الإجابة عن الأسئلة التي كانت ترد عليه من العراق وخارجه في ضوء النصوص الموجودة عنده فتفرقت الأجوبة طبق الأسئلة في البلاد وجمعها « الخلال » في كتاب خاص .
هذا ما ذكره الذهبي ولكن الظاهر عن غير واحد ممن ترجم الإمام أنه كان يتحفظ عن الفتيا ويتزهد عنه ولعله يرى مقام الإفتاء أرفع وأعلى من نفسه .
روى الخطيب في تاريخه بالإسناد قال : « كنت عند أحمد بن حنبل فسأله رجل عن الحلال والحرام فقال له أحمد : سل عافاك الله غيرنا . قال الرجل إنما نريد جوابك يا أبا عبد الله . قال : سل عافاك الله غيرنا سل الفقهاء سل أبا
____________________
(١) سير أعلام النبلاء : ج ١١ ص ٣٣٠ .