وقد ابتلي المسلمون بعد كعب الأحبار بكتابي آخر قد بلغ الغاية في بث الإسرائيليات بين المسلمين حول تاريخ الأنبياء والأمم السالفة وهو وهب بن منبه . قال الذهبي : « ولد في آخر خلافة عثمان ، كثير النقل عن كتب الإسرائيليات ، توفي سنة ١١٤ وقد ضعفه الفلاس » (١) .
وقال في تذكرة الحفاظ : « عالم أهل اليمن ، ولد سنة أربع وثلاثين وعنده من علم أهل الكتاب شيء كثير ، فإنه صرف عنايته إلى ذلك وبالغ ، وحديثه في الصحيحين عن أخيه همام » (٢) .
وترجمه أبو نعيم في حلية الأولياء ترجمة مفصلة استغرقت قرابة ستين صفحة وبسط الكلام في نقل أقواله وكلماته القصار (٣) .
وقد خدع عقول الصحابة بأفانين المكر ، حيث صار يعرف نفسه بأنه علم ممن قبله ومن عاصره بقوله لبعض حضار مجلسه : « يقولون عبد الله بن سلام أعلم أهل زمانه ، وكعب أعلم أهل زمانه ، أفرأيت من جمع علمهما ؟ » يعني نفسه (٤) .
وقد تسنم الرجل ، منبر التحدث عن الأنبياء والأمم السالفة يوم كان نقل الحديث عن النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ممنوعاً وأخذ بمجامع القلوب فأخذ عنه من أخذ ، وكانت نتيجة ذلك التحدث ، انتشار الإسرائيليات حول حياة الأنبياء في العواصم الإسلامية وقد دوّن ما ألقاه في مجلد واحد ، أسماه في كشف الظنون « قصص الأبرار وقصص الأخيار » (٥) .
____________________
(١) ميزان الاعتدال : ج ٤ ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣ .
(٢) تذكرة الحفاظ : ج ١ ص ١٠٠ ـ ١٠١ .
(٣) حلية الأولياء : ج ١ ص ٢٣ ـ ٨١ .
(٤) تذكرة الحفاظ : ج ١ ص ١٠١ .
(٥) كشف الظنون : ج ٢ ص ٢٢٣ ، مادة قصص .