عنها وقد استمر الحوار أكثر من شهرين والحصر حوالي أربعين يوماً كل ذلك يعرب عن أنهم كانوا راضين بهاتيك الأحدوثة ، لو لم نقل إنهم كانوا بين مباشر لها ، إلى خاذل للمودى به ، إلى مؤلب عليه ، إلى راض بما فعلوا ، إلى محبذ لتلك الأحوال كما هو واضح لمن قرأ تاريخ الدار وقتل الخليفة ، متجرداً عن أهواء وميول أموية .
فعندئذٍ يدور الأمر بين أمرين ، بأيهما أخذنا يبطل الأصل المزعوم من عدالة الصحابة أجمع .
فإن كان الخليفة قائماً على جادة الحق غير مائل عن الطريقة المثلى فالمجهزون على قتله والناصرون لهم فساق إن لم نقل إنّهم مراق عن الدين لخروجهم على الإمام المفترضة طاعته .
وإن كان مائلاً عن الحق ، منحرفاً عن الطريقة ، مستحقاً للقتل فما معنى القول بعدالة الصحابة كلهم من إمامهم إلى مأمومهم .
وأما تبرير عمل المجهزين عليه ، المهاجمين على داره بأنهم كانوا عدولاً خاطئين في اجتهادهم ، فهو خداع وضلال لا يصار إليه ، ولا يركن إليه أي ذي مسكة من العقل إذ أي قيمة لاجتهادهم تجاه نصوص الكتاب ؟ قال عز من قائل : ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) (١) .
وهناك كلمة قيمة للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تمثل نظريته في حق الصحابة رواها نصر بن مزاحم المنقري ( المتوفى عام ٢١٢ هـ ) في حديث عمر بن سعد :
دخل عبد الله بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، والمغيرة بن شعبة مع
____________________
(١) سورة المائدة : الآية ٣٢ .