أناس معهم وكانوا قد تخلفوا عن علي . فدخلوا عليه فسألوه أن يعطيهم عطاءهم ـ وقد كانوا تخلفوا عن علي حين خرج إلى صفين والجمل ـ فقال لهم علي : « ما خلفكم عني » ؟ قالوا : « قتل عثمان ولا ندري أحل دمه أم لا ؟ وقد كان أحدث أحداثاً ثم استتبتموه فتاب ، ثم دخلتم في قتله حين قتل ، فلسنا ندري أصبتم أم أخطأتم ؟ مع أنا عارفون بفضلك يا أمير المؤمنين وسابقتك وهجرتك » . فقال علي : « ألستم تعلمون أن الله عز وجل قد أمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر » ؟ فقال : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ) (١) . قال سعد : يا علي أعطني سيفاً يعرف الكافر من المؤمن أخاف أن أقتل مؤمناً فأدخل النار ؟ فقال لهم علي : « ألستم تعلمون أن عثمان كان إماماً بايعتموه على السمع والطاعة فعلام خذلتموه إن كان محسناً ، وكيف لم تقاتلوه إذ كان مسيئاً . فإن كان عثمان أصاب بما صنع فقد ظلمتم ، إذ لم تنصروا إمامكم ، وإن كان مسيئاً فقد ظلمتم ، إذ لم تعينوا من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر . وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدونا بما أمركم الله به فإنه قال : « فقاتلوا التي تبغي حتی تفيء إلی أمر الله » فردهم ولم يعطهم شيئاً .
وكان علي ( عليه السلام ) إذا صلی الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يقول : « اللهم العن معاوية وعَمراً وأبا موسى وحبيب بن مسلمة والضحاك بن قيس والوليد بن عقبة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد » ، فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس وقيس بن سعد والحسن والحسين (٢) .
وفي كلامه هذا دليل قاطع على أن هؤلاء الجائين إلى علي لأخذ عطائهم ، خونة ظلمة لا يمكن الحكم بعدالتهم ، لأنهم إما ظلموا إمامهم العادل إذ لم ينصروه وإما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولم يعينوا الإمام القائم بالعدل .
____________________
(١) سورة الحجرات : الآية ٩ .
(٢) وقعة صفين : طبعة مصر . ص ٥٥١ ـ ٥٥٢ .