٣ ـ عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله : صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية (١) .
ولأجل هذه الروايات يتهم كل من الطائفتين ، الأخرى بالقدرية لينزه نفسه من ذلك العار والشنار .
ولا يخفى أن متون الأحاديث تعرب عن كونها موضوعة على النبي الأكرم ، خصوصاً الحديث الأخير فقد جاء فيه : المرجئة والقدرية معاً ، إذ إنّ هذين المصطلحين برزا بين المسلمين في النصف الثاني من القرن الأول عندما اتهم معبد الجهني وتلميذه غيلان الدمشقي بالقدر والإرجاء ، وذاع هذان الاصطلاحان بين المسلمين إلى الآن ومن البعيد وجودهما في زمن الرسول الأعظم وشيوعهما في ذلك العصر ، وعند ذلك كيف يتكلم الرسول بكلمات بعيدة عن أذهان أصحابه ، وغريبة على مخاطبيه ، كل ذلك يثير الشك أو سوء الظن بوضع هذه الأحاديث ودسها بين المسلمين ، حتى يتسنى لكل من الطائفتين ، تعيير الأخرى بها والنيل من كرامتها ، وما ذكرناه من التشكيك وإن كان لا يخرج عن دائرة الاستحسان ، غير أن وقوع الضعاف في أسنادها يؤيد ذلك التشكيك ويقويه .
أما الحديث الأول ، فقد رواه أبو داود في سننه بالسند التالي :
حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، قال : حدثني بمنى عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي (٢) .
ويكفي في ضعف الحديث ، أن أبا حازم سلمة بن دينار ، لم يدرك عبد الله بن عمر ، وقد روى عنه في مواضع بوسائط ، لا يثبت منها شيء (٣) .
وأما الحديث الثاني ، فقد رواه أيضاً بالسند التالي :
____________________
(١) جامع الأصول : ج ١٠ ص ٥٢٦ ، راجع سنن أبي داود : ج ٤ باب في القدر ص ٢٢٢ الحديث ٦٤٩١ و ٦٤٩٢ ، وسنن الترمذي : ج ٤ كتاب القدر باب ١٣ الحديث ٢١٤٩ .
(٢) سنن أبي داود : ج ٤ الباب في القدر ص ٢٢٢ الحديث ٤٦٩١ .
(٣) جامع الأصول قسم التعليق ج ١٠ ص ٥٢٦ واللآلي المصنوعة للسيوطي ج ١ ص ٢٥٨ .