أمره ، وأسامة قد برز من المدينة ، وقال قوم قد اشتد مرض النبي عليه الصلاة والسلام فلا تسع قلوبنا مفارقته والحالة هذه فنصبر حتى نبصر أي شيء يكون من أمره » (١) .
نعم كانت هناك هنابث ومشاجرات في أمور لا تروق سليقة بعض النفوس وميولهم ، غير أن هذه الخلافات لم تكن على حد تنشق بها عصا الوحدة وتنفصم بها عرى الأخوة ، وأعظم خلاف بين الأمة هو الخلاف الذي نجم بعد لحوقه بالرفيق الأعلى وهو الخلاف في الإمامة وقد لمست الأمة ضرره وخسارته حتى أن الشهرستاني أعرب عن عظم هذه الخسارة بقوله : « ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان » (٢) . وإليك بيان أساس هذا الاختلاف :
لما التحق النبي الأكرم بالرفيق الأعلى صارت الأمة فرقتين باقيتين إلى الآن :
الأولى : القائلون بأن منصب الإمامة منصب إلهي وأنّ الإمام يقوم بالوظائف التي كانت قد ألقيت على عاتق النبي من تبيين الأحكام الشرعية وتفسير كتاب الله وصيانة الدين عن النقص والزيادة والإجابة على الأسئلة الواردة والاعتراضات المتوجهة إلى الدين مضافاً إلى إدارة المجتمع البشري وسياسته التي يعبر عنها بالحكومة الإسلامية .
الثانية : القائلون بأن منصب الإمامة منصب عادي يجب أن يقوم بها واحد من آحاد الأمة لتبرير أمر المجتمع سياسة واجتماعاً واقتصاداً وغير ذلك ، وأنه لم يرد في أمر الخلافة نص على شخص ما وهؤلاء هم الموسومون بأهل السنة .
* * *
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) .
( آل عمران الآية ١٠٣ )
____________________
(١) و (٢) الملل والنحل : ج ١ ص ٢٣ ـ ٢٤ ط بيروت دار المعرفة .