لب . فمثلاً روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده أن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) قال : « لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه » (١) وفي رواية : « إنهم استأذنوا النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) أن يكتبوا عنه فلم يأذنهم » (٢) .
وفي مسند أحمد أن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) نهى أن نكتب شيئاً من حديثه (٣) . وأيضاً ورد في مسند أحمد عن أبي هريرة أنه قال : « كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي فخرج علينا فقال : ما هذا تكتبون ؟ فقلنا : ما نسمع منك ، فقال : أكتاب مع كتاب الله ؟ فقلنا : ما نسمع . فقال : اكتبوا كتاب الله ، امحضوا كتاب الله ، أكتاب غير كتاب الله امحضوا أو خلصوه . قال : فجعلنا ما كتبنا في صعيد واحد ثم أحرقناه بالنار » (٤) .
ثم إن القوم لم يكتفوا بما نسبوه إلى النبي في مجال كتابة الحديث ، بل ذكروا هناك أحاديث موقوفة على الصحابة والتابعين تنتهي إلى الشخصيات البارزة : كأبي سعيد الخدري ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، وعبيدة ، وإدريس بن أبي إدريس ، ومغيرة بن ابراهيم إلى غير ذلك (٥) .
وروى عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : « إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء
____________________
(١) سنن الدارمي : ج ١ ص ١١٩ ، مسند أحمد ج ٣ ص ١٢ .
(٢) سنن الدارمي : ج ١ ص ١١٩ .
(٣) مسند أحمد : ج ٥ ص ١٨٢ .
(٤) مسند أحمد : ج ٣ ص ١٢ .
(٥) جمع الخطيب في « تقييد العلم » : ص ٢٩ ـ ٢٨ ، الروايات المنسوبة إلى النبي والموقوفة على الصحابة والتابعين .