أبداً » (١) .
وروى ابن جرير أن الخليفة عمر بن الخطاب كان كلما أرسل حاكماً أو والياً إلى قطر أو بلد ، يوصيه في جملة ما يوصيه : « جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن محمد وأنا شريككم » (٢) .
وكان عمر قد شيع قرظة بن كعب الأنصاري ومن معه إلى « صرار » على ثلاثة أميال من المدينة وأظهر لهم أن مشايعته لهم إنما كانت لأجل الوصية بهذا الأمر ، وقال لهم ذلك القول .
قال قرظة بن كعب الأنصاري : أردنا الكوفة فشيعنا عمر إلى « صرار » فتوضأ فغسل مرتين وقال : « تدرون لم شيعتكم ؟ فقلنا : نعم ، نحن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل ، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم . جردوا القرآن ، وأقلوا الرواية عن رسول الله ، وامضوا وأنا شريككم (٣) » .
وقد حفظ التاريخ أن الخليفة قال لأبي ذر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي الدرداء : « ما هذا الحديث الذي تفشون عن محمد ؟ ! » (٤) .
وذكر الخطيب في « تقييد العلم » عن القاسم بن محمد : أن عمر بن الخطاب بلغه أن في أيدي الناس كتباً ، فاستنكرها وكرهها وقال : « أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب فأحبها إلى الله ، أعدلها وأقومها ، فلا يبقين أحد عنده كتاب إلا أتاني به فأرى فيه رأيي . قال فظنوا أنه يريد ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار ثم قال : أمنية كأمنية أهل الكتاب » (٥) .
____________________
(١) تقييد العلم : ص ٤٩ .
(٢) تاريخ الطبري : ج ٣ ص ٢٧٣ ، طبعة الأعلمي بالأفست .
(٣) طبقات ابن سعد : ج ٦ ص ٧ ، والمستدرك للحاكم ج ١ ص ١٠٢ .
(٤) كنز العمال : ج ١٠ ص ٢٩٣ ح ٢٩٤٧٩ .
(٥) تقييد العلم : ص ٥٢ .