كتبه قديماً ، فربما استمع له عمر ، فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها . وليس لهذه الأمة ـ والله أعلم ـ حاجة إلى حرف واحد مما عنده » (١) .
إن لهذا الرجل أساليب عجيبة في اللعب بعقول المسلمين وخلفائهم وإليك نماذج منها :
أ . قال كعب ، لعمر بن الخطاب : « إنا نجدك شهيداً وإنا نجدك إماماً عادلاً ، ونجدك لا تخاف في الله لومة لائم . قال : هذا لا أخاف في الله لومة لائم فأنى لي بالشهادة » (٢) .
ترى أنه كيف يتزلف إلى الخليفة ، ويتنبأ بشهادته وقتله في سبيل الله .
ب . نقل أبو نعيم أيضاً : أنّ كعباً مر بعمر ، وهو يضرب رجلاً بالدرة . فقال كعب : على رسلك يا عمر ، فوالذي نفسي بيده إنه لمكتوب في التوراة ، ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء ، ويل لحاكم الأرض من حاكم السماء ، فقال عمر : إلا من حاسب نفسه ، فقال كعب : والذي نفسي بيده إنها لفي كتاب الله المنزل ، ما بينهما حرف : إلا من حاسب نفسه (٣) .
وهذه الجملة تعرب عن أن كعباً كان يتزلف إلى عمر ، حتى إنه يقرأ عليه نص التوراة المحرف لتصديق كلامه .
ج . وروي أيضاً : أن عمر جلد رجلاً يوماً وعنده كعب ، فقال الرجل حين وقع به السوط : سبحان الله ، فقال عمر للجلاد : دعه فضحك كعب ، فقال له : وما يضحكك ، فقال : والذي نفسي بيده إن « سبحان الله » تخفيف من العذاب (٤) .
____________________
(١) تفسير ابن كثير : ج ٤ ص ١٧ طبع الأفست .
(٢) حلية الأولياء : ج ٥ ص ٣٨٨ ـ ٣٨٩ .
(٣) المصدر السابق .
(٤) حلية الأولياء : ج ٥ ص ٣٨٩ ـ ٣٩٠ .