ولا يخفى أن السؤال الوارد في الحديث موجه جداً ، والجواب عنه غير مقنع ، فما معنى قوله « سددوا وقاربوا » ؟ لأنه إذا كان الأمر قد فرغ منه فما معنى التسديد والتقارب وما معنى الحث على التوبة والإنابة ؟ ولماذا جعل فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير مع كونه رحماناً على الكل ، لا قسياً ولا متعنتاً ؟ .
٢ ـ روى البخاري ومسلم والترمذي عن علي بن أبي طالب (رض) : قال : « كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس وجعل ينكت بمخصرته ثم قال : ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة . قالوا : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا ؟ فقال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له . أما من كان من أهل السعادة فسيصير لعمل أهل السعادة . وأما من كان من أهل الشقاء ، فسيصير لعمل أهل الشقاء » ثم قرأ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ) (١) . أخرجه البخاري ومسلم (٢) .
وفي رواية الترمذي قال : « كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتى رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فجعل ينكت بها ثم قال : ما منكم من أحد أو من نفس منفوسة ، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار ، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة فقال رجل : يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل ؟ فمن كان منا من أهل السعادة ليكونن إلى أهل السعادة ، ومن كان من أهل الشقاوة ليكونن إلى أهل الشقاوة . فقال رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) : بل اعملوا فكل ميسر ، فأما أهل السعادة ، فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة ، فييسرون لعمل أهل الشقاوة » ثم قرأ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ ) (٣) (٤) .
____________________
(١) سورة الليل : الآية ٥ ـ ٧ .
(٢) جامع الأصول : ج ١٠ ص ٥١٣ ، رقم الحديث ٧٥٥٥ .
(٣) سورة الليل : الآية ٥ ـ ١٠ .
(٤) جامع الأصول : ج ١٠ ص ٥١٥ ـ ٥١٦ رقم الحديث ٧٥٥٧ وذيله .