ترى أن النبي يركز في حق المجوس على عدد السبعين ، وفي حق اليهود على عدد الإحدى والسبعين وفي حق النصارى على اثنتين وسبعين ، وفي حق الأمة الإسلامية على ثلاث وسبعين . وهذا التدرج يعرب بسهولة عن أن المراد هو بلوغ الفرق إلى هذا الحد ، بشكل حقيقي لا بشكل مبالغي .
٢ ـ إن أصول الفرق وإن كانت لا تصل إلى هذا العدد بل لا تبلغ نصفه ولا ربعه ، وإن فروع الفرق يختلف العلماء في تفريعها ، وإن الإنسان في حيرة حين يأخذ في العد ، بأن يعتبر ـ في عد الفرق ـ أصولها أو فروعها ، وإذا استقر رأيه على اعتبار الفروع ، فعلى أي حد من التفريع يأخذه مقياساً ، إلا أن الحديث لا يختص بالعصور الماضية ، فإن حديث الترمذي يتحدث عن افتراق أمة محمد صلی الله عليه وآله وأمته مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، فيجب أن يتحدث في كل عصر عن الفرق التي نجمت في هذه الأمة من أول أمرها إلى الوقت الذي يتحدث فيه المتحدث ، ولا عليه إن كان العدد قد بلغ ما جاء في الحديث أو لم يبلغ ، فمن الممكن بل المقطوع ـ لو صح الحديث ـ وقوع الأمر في واقع الناس على وفق ما أخبر به (١) .
وهناك محاولة ثالثة غير صحيحة جداً وهي الاهتمام بتكثير الفرق فترى أن الإمام الأشعري يجعل للشيعة الغالية خمس عشرة فرقة وللشيعة الإمامية أربعاً وعشرين فرقة ، كما أن الشهرستاني يعد للمعتزلة اثنتي عشرة فرقة ويعد للخوارج الفرق التالية : المحكمة ، الأزارقة ، النجدات ، البيهسية ، العجاردة ، الثعالبة ، الأباضية ، الصفرية .
وذلك لأن الجميع من أصناف الشيعة والمعتزلة والخوارج يلتقون تحت أصول خاصة معلومة في محلها ، مثلاً أصناف الخوارج يجتمعون تحت أصول أشهرها تخطئة عثمان والإمام أمير المؤمنين عليه السلام في مسألة التحكيم ، وتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار . فلا يصح عد كل صنف فرقة ، وإن اختلف كل مع شقيقه في أمر جزئي ، ومثل ذلك أصناف الآخرين .
____________________
(١) مقدمة الفرق بين الفرق : ص ٧ .