ثم إن الكاتب المعاصر عبد الرحمن بدوي ، ذهب إلى عدم صحة الحديث للأسباب التالية :
أولاً : إن ذكر هذه الأعداد المحددة المتوالية : ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ أمر مفتعل لا يمكن تصديقه فضلاً عن أن يصدر مثله عن النبي صلی الله عليه وآله .
ثانياً : إنه ليس في وسع النبي صلی الله عليه وآله أن يتنبأ مقدماً بعدد الفرق التي سيفترق إليها المسلمون .
ثالثاً : لا نجد لهذا الحديث ذكراً فيما ورد لنا من مؤلفات من القرن الثاني بل ولا الثالث الهجري ولو كان صحيحاً لورد في عهد متقدم .
رابعاً : أعطت كل فرقة لختام الحديث ، الرواية التي تناسبها ، فأهل السنة جعلوا الفرقة الناجية هي أهل السنة ، والمعتزلة جعلوها فرقة المعتزلة وهكذا وقال :
وقد ظهر التعسف البالغ لدى مؤرخي الفرق في وضعهم فروقاً وأصنافاً داخل التيارات الرئيسية حتى يستطيعوا الوصول إلى ٧٣ فرقة ، وفاتهم أن افتراق المسلمين لم ينته عند عصرهم وأنه لا بد ستنشأ فرق جديدة باستمرار مما يجعل حصرهم ، هذا خطأ تماماً إذ لا يحسب حساباً لما سينشأ بعد ذلك من فرق إسلامية جديدة (١) .
ولا يخفى أن ما ذكره من الأسباب غير صحيح عدا ما ذكره من السبب الرابع وما ذيله به .
أما دليله الأول ، فلأن ما جاء فيه هو نفس المدعى ولم يبين وجهاً لافتعال الحديث .
وأما دليله الثاني ، فلأن المتبادر منه أنه ليس في وسع النبي صلی الله عليه وآله التنبؤ بالأحداث الآتية ، ولكنه باطل بشهادة الصحاح والسنن على تنبّئه صلی الله عليه وآله بإذن الله عن كثير من الحوادث الواقعة في أمته ، وقد جمعنا
____________________
(١) مذاهب الإسلاميين : ج ١ ص ٣٤ .