عدة من تنبؤاته في موسوعتنا : مفاهيم القرآن (١) .
وربما يريد الكاتب من عبارته معنى آخر وهو أن النبي صلی الله عليه وآله لا يصح له أن يقدم على مثل هذا التنبؤ ، لأنه إقدام غير مرغوب فيه ، لما يحتوي على الاضرار بالأمة ، ولكن هذا الرأي منقوض أيضاً بتنبؤات أخرى تضاهي المورد هذا ، فهذا هو النبي صلی الله عليه وآله يتنبأ بالمستقبل المظلم الذي يواجهه ذو الخويصرة من وجوه الخوارج قائلاً للنبي صلی الله عليه وآله : اعدل ، فقال رسول الله صلی الله عليه وآله : ويلك من يعدل إن لم أعدل قد خبت وخسرت ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أتأذن لي فيه أن أضرب عنقه ؟ قال : دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء (٢) .
فأي فرق بين هذا التنبؤ ونظائره الواردة في أحاديث النبي صلی الله عليه وآله ، والتنبؤ بافتراق أمته إلى الفرق المعدودة .
وأما دليله الثالث ، فعجيب جداً ، فقد رواه أبو داود ( ٢٠٢ ـ ٢٧٥ ) في سننه والترمذي ( ٢٠٩ ـ ٢٧٩ ) في صحيحه وابن ماجة ( ٢١٨ ـ ٢٧٦ ) في سننه وأحمد بن حنبل ( ٢٤١ ) في مسنده والجميع من أعيان أصحاب الحديث في القرن الثالث ، فكيف يقول هذا الكاتب : « بل ولا الثالث الهجري » . وإليك بعض ما أسندوه :
١ ـ روى أبو داود في كتاب السنة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة .
ثم روى عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلی الله عليه وآله قام فينا فقال : « ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ،
____________________
(١) مفاهيم القران : ج ٣ ص ٥٠٣ ـ ٥٠٨ .
(٢) التاج ، كتاب الفتن : ج ٥ ص ٢٨٦ .