الْأَرْضِ ) (١) . وهو الذي حال بينهم وبين الطاعة .
وإذا كان الأمر مفروغاً منه ، فكيف يقول ( لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) (٢) وكيف ابتلى العباد فعاقبهم على فعلهم ؟ وكيف يقول ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) (٣) وكيف يقول ( قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) (٤) ولم يقل قدر فأضل ، وكيف يصح أنه خلقهم للرحمة والعبادة بقوله : ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (٥) وقوله : ( فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٦) وقوله : ( إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ) (٧) فإذا خلقهم لذلك ، فكيف يصح أن لا يجعل لهم سبيلاً ، ويقرهم على السعادة والشقاء على ما يذكرون .
وكيف يبتلي إبليس بالسجود لآدم ، فإذا عصى يقول له ( فَاهْبِطْ مِنْهَا ) (٨) ويجعله شيطاناً رجيماً ؟ وكيف يقول ( فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا ) (٩) وكيف يحذر آدم عداوته . إن كان الأمر مفروغاً منه على ما تقولون ؟
وقال في الرسالة : واعلم أيها الأمير ما أقول : إن الله تعالى لم يخف عليه بقضائه شيء ، ولم يزدد علماً بالتجربة ، بل هو عالم بما هو كائن وما لم يكن ولذلك قال : ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا ) (١٠) ( وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) (١١) فعلم سبحانه أنه خلق خلقاً من ملائكة وجن وإنس ، وأنه يبتليهم قبل أن يخلقهم وعلم ما يفعلون كما قدر أقواتهم ، وقدر ثواب أهل
____________________
(١) سورة هود : الآية ١١٦ .
(٢) سورة النور : الآية ٦١ .
(٣) سورة الإنسان : الآية ٣ .
(٤) سورة الأعلى : الآية ٣ .
(٥) سورة الروم : الآية ٣٠ .
(٦) سورة الإسراء : الآية ٥١ .
(٧) سورة هود : الآية ١١٩ .
(٨) سورة الأعراف : الآية ١٣ .
(٩) سورة الأعراف : الآية ١٣ .
(١٠) سورة الشورى : الآية ٢٧ .
(١١) سورة الزخرف : الآية ٣٣ .