تصدنا عن الأخذ بمسالكهم ومشاربهم وتمنعنا عن تصحيح ما ورد في ذيل بعض الروايات الماضية أعني قوله « ما أنا عليه وأصحابي » وذلك لأنّ النبي الأكرم (ص) يخبر عن أحوالهم بعد رحلته ، وأنّهم سيحدثون في الدين أموراً منكرة ، وبدعاً محرمة وأنّهم يرتدون عن الدين ولأجل ذلك يحلأون عن الحوض ويذادون عنه ، وقد روى هذه الأحاديث الشيخان ( البخاري ومسلم ) وغيرهما . وجمعها ابن الأثير في جامع الأصول في الفصل الرابع عند البحث عن الحوض والصراط والميزان .
وإليك بعض تلك الأحاديث :
١ ـ أخرج الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : « أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن إليّ رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب ، أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك » .
٢ ـ أخرج الشيخان أنّ رسول الله (ص) قال : « يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي ، أو قال من أمتي ، فيحلأون عن الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي فيقول : إنّه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى » .
إلى غير ذلك من الروايات البالغ عددها إلى عشرة أحاديث وفي ضوء هذه الروايات لا يمكن الحكم بعدالة كل صحابي لمجرد الصحبة ، للعلم بوجود الفسق والارتداد وإحداث البدع فيهم وهذا العلم الإجمالي يصدنا عن تعديل كل صحابي وتصديقه .
كما يصدنا عن القول بأن الأكثرية الساحقة من الصحابة إذا اتفقت على شيء يكون دليلاً على صدقه وصحته ، على أن هذا لا يدل على أن جميع الصحابة كانوا على هذا المنوال بل كان في الصحابة الثقاة العدول ، والأخيار المتقون .
وقد أشبعنا الكلام حول الصحابة من حيث العدالة (١) .
____________________
(١) سيوافيك البحث عن عدالة الصحابة عند تحليل عقائد أهل الحديث في هذا الجزء .