أما القرآن فهو الكتاب الذي يتعاهده المسلمون جيلا بعد جيل ، بل العالم كله من مسلم معتقد وآخر محقق مضطلع ، يحرسون على نصّ القرآن العزيز ، وقد قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١) ، أي في صدور الرجال وعلى أيدي الناس ، الأولياء والأعداء جميعا ، معجزة قرآنية خالدة.
٢ ـ يقع ـ بطبيعة الحال ـ اختلاف بين التراجم ؛ لاختلاف السلائق بل العقائد التي يذهب إليها كل مذهب من المذاهب ، وكذا اختلاف المواهب والاستعدادات في فهم معاني القرآن وترجمتها وفق الأفهام والآراء المتضاربة ؛ ولهذا الاختلاف في تراجم القرآن آثار سيّئة ؛ إذ يستتبعها اختلاف الاستفادة واستنباط الأحكام والآداب الشرعية ، وكل قوم من الأقوام إنّما يرتئي حسب ما فهم من الترجمة التي أتيحت له ، وربّما لا يدري مدى اختلافها مع سائر التراجم (٢).
لكن هذا خروج عن مفروض الكلام ، فإن للترجمة ضوابط يجب مراعاتها ، ولا سيما ترجمة القرآن الكريم ، يجب أن تكون تحت إشراف لجنة رسميّة ، ومن هيئة علماء وأدباء اختصاصيّين برعاية حكومة إسلامية قاهرة ، لا تدع مجالا لتناوش أيدي الأجانب فيجعلوا القرآن عضين ، كما هو الشأن في رسم خط المصحف الشريف ، وطباعته على أصول مقرّرة ، تحفظه عن الاختلاف والاضطراب.
نعم يجب أن يعلم كل الأمم الإسلامية ، أنّ الترجمة لا تضمن واقع القرآن ، وأنّ المصدر للاستنباط واستخراج الأحكام والسنن للمجتهدين هو نص القرآن
__________________
(١) الحجر / ٩.
(٢) محمد مصطفى الشاطر في «القول السديد في حكم ترجمة القرآن المجيد» ، ص ١٧ ـ ١٨.