«الصحف الأولى» ، فهذا يعني وصفه ونعته ، وليس نفسه. قال الطبرسي : أي وأنّ ذكر القرآن وخبره جاء في كتب الأوّلين على وجه البشارة به وبمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بمعنى أنه تعالى أنزله على غير محمد (١).
وقال ـ في آية الصحف الأولى ـ : يعني أنّ هذا الذي ذكر من فلاح المتزكّي إلى تمام ما في الآيات الأربع ، لفي الكتب الاولى. فقد جاء فيها ذكر فلاح المصلي والمتزكّي وإيثار الناس الحياة الدنيا على الآخرة ، وأن الآخرة خير وأبقى. (٢) وهذا لا يعني نفس الكتاب وأنه مذكور بذاته في تلك الصحف ، ليستلزم ذلك أن يكون ذكر المعاني ذكرا للقرآن نفسه.
وقال السيد العاملي ـ في آية البلاغ ـ : الإنذار بالقرآن لا يستلزم نقل اللفظ بعينه ؛ إذ مع إيضاح المعنى يصدق أنه أنذرهم به ، بخلاف صورة النزاع (٣). يعني أنّ هناك فرقا بين قولنا : أنذر بهذا القرآن ، وقولنا : اقرأ بهذا القرآن. فإنّ الأول لا يستدعي حكاية نفس القرآن ونقله بالذات إلى المنذرين ، بل يكفي تخويفهم بما يستفاد من القرآن من الوعد والوعيد. وهذا بخلاف الثاني المستلزم تلاوة نفسه كما في قراءة الصلاة.
قال ابن حزم : «ومن قرأ أم القرآن أو شيئا منها أو شيئا من القرآن ، في صلاته مترجما بغير العربيّة ، أو بألفاظ عربيّة غير الألفاظ التي أنزل الله تعالى ، عامدا لذلك ، أو قدّم كلمة أو أخّرها عامدا لذلك ، بطلت صلاته ، وهو فاسق ؛ لأن الله
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٢٠٤.
(٢) المصدر السابق ، ج ١٠ ، ص ٤٧٦.
(٣) المدارك ، ج ٣ ، ص ٣٤١.