دوره صلىاللهعليهوآلهوسلم دور مرشد ومعين ، وكان الناس هم المكلّفين بالتفكّر في آيات الله والتماس حججه.
وقد تصدّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لتفصيل ما أجمل في القرآن إجمالا ، وبيان ما أبهم منه إمّا بيانا في أحاديثه الشريفة وسيرته الكريمة ، أو تفصيلا جاء في حلّ تشريعاته من فرائض وسنن وأحكام وآداب ، كانت سنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم قولا وعملا وتقريرا ، كان كلها بيانا وتفسيرا لمجملات الكتاب العزيز وحلّ مبهماته في التشريع والتسنين. فقد كان قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا كما رأيتموني أصلي ..» شرحا وبيانا لما جاء في القرآن ، من قوله تعالى : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ..)(١) ولقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(٢) وكذا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خذوا عنّي مناسككم» بيان وتفسير لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...)(٣) ، وهكذا فكلّ ما جاء في الشريعة من فروع أحكام العبادات والسنن والفرائض ، وأحكام المعاملات ، والأنظمة والسياسات ، كل ذلك تفصيل لما أجمل في القرآن من تشريع وتكليف.
وهكذا كان الصحابة يستفهمونه كلّما تلا عليهم القرآن أو أقرأهم آية أو آيات ، كانوا لا يجوزونه حتى يستعلموا ما فيه من مرام ومقاصد وأحكام ؛ ليعملوا بها ويأخذوا بمعالمها.
أخرج ابن جرير بإسناده عن ابن مسعود ، قال : كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ والعمل بهنّ. وقال أبو عبد الرحمن
__________________
(١) البقرة / ٤٣.
(٢) النساء / ١٠٣.
(٣) آل عمران / ٩٧.