المنقول من التفسير الصريح.
وقد جعل السيوطي جلّ تفاصيل الشريعة الواردة في السنّة تفسيرا حافلا بمعاني القرآن ومقاصده الكريمة. ونقل عن الإمام الشافعي : أن كل ما حكم به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مما فهمه من القرآن وبيّنه ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه ، يعني السنّة. وأخيرا نقل كلام ابن تيميّة الآنف ، وعقّبه بالتأييد ، بما أخرجه أحمد وابن ماجة عن عمر ، أنه قال : من آخر ما نزل آية الرّبا ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبض قبل أن يفسّرها. قال السيوطي : دلّ فحوى الكلام على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يفسّر لهم كل ما أنزل ، وأنه إنما لم يفسّر هذه الآية ؛ لسرعة موته بعد نزولها ، وإلّا لم يكن للتخصيص بها وجه. (١)
وأمّا حديث عائشة ـ لو صح السند ، ولم يصح كما قالوا ـ (٢) فهو ناظر إلى جانب رعاية الترتيب في تفسير الآي ، أعدادا فأعدادا ، أو حسب عدد الآي التي كان ينزل بها جبرائيل. وهذا يشير إلى نفس المعنى الذي رويناه عن ابن مسعود وتلميذه السّلمي ، وقد نقله ابن تيميّة نقلا بالمعنى. قال السلمي : حدّثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن ، أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا (٣).
قال الخطيب : هذا أقدم نصّ تاريخي عرفنا به الطريقة التي كان يتعلم بها المسلمون الأوّلون ، كانوا لا يعنون بالإكثار من العلم إلّا بعد إتقان ما يتعلّمونه منه ،
__________________
(١) الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٧٤ و ١٧٥ و ٢٥٨.
(٢) ذكروا أنه حديث منكر غريب ، والاستدلال به باطل. (التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٥٥)
(٣) راجع : رسالة الإكليل ، المطبوعة ضمن المجموعة الثانية من رسائل ابن تيميّة ، ص ٣٢.