نعم ، كانت موارد السؤال والإجابة عليه فيما يخصّ تفسير القرآن بالنصّ قليل ، نظرا لعدم الحاجة إلى أكثر من ذلك حسبما عرفت. غير أن لهذا القليل من تفاسير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا في واقعه ، قليلا في نقله وحكايته. فالمأثور منه قليل ، لا أصله ومنبعه الأصيل.
قال جلال الدين السيوطي : الذي صحّ من ذلك قليل جدا ، بل أصل المرفوع منه في غاية القلّة. وقد أنهاهنّ في خاتمة كتاب الإتقان إلى ما يقرب من مائتين وخمسين حديثا في التفسير ، مأثورا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنص. (١)
وهذا عدد ضئيل جدا ، لا نسبة له مع عدد آي القرآن الكريم ، ومواضع إبهامه الكثير ، الأمر الذي دعا بابن حنبل أن ينكره رأسا ، إلحاقا له بالعدم. قال : ثلاثة ليس لها أصول ، أو لا أصل لها : المغازي ، والملاحم ، والتفسير. قال بدر الدين الزركشي : قال المحققون من أصحابه : يعني أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة الإسناد ، وإلّا فقد صح من ذلك كثير (٢). هذا مع أنّ ابن حنبل قد جعل السنّة برمّتها تفسيرا للقرآن ، وسنذكره.
فلو ضممنا سيرته الكريمة وسنّته في الشريعة ، وأحاديثه الشريفة في أصول الدين وفروعه ومعارف الإسلام ودلائل الأحكام ، لو ضممنا ذلك كلّه إلى ذلك العدد القليل ـ في الظاهر ـ لأصبح التفسير المأثور عن عهد الرسالة ـ على مشرفها آلاف التحية والثناء ـ في حجم كبير وفي كمّية ضخمة ، كان الرصيد الأوفى للتفاسير الواردة في سائر العصور.
__________________
(١) راجع : الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٨٠ و ٢١٤ ـ ٢٥٧.
(٢) البرهان للزركشي ، ج ٢ ، ص ١٥٦.