لست أتخوّف عليك النسيان والجهل!» (١).
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : «إنّ الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلّمك ولا أجفوك. فحقيق عليّ أن أعلّمك ، وحقيق عليك أن تعي» (٢).
وفي الخطبة القاصعة ـ من نهج البلاغة ـ : «وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة. وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ، ويكنفني إلى فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، (٣) وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه. وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة (٤) في فعل.
ولقد قرن الله به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره.
ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به.
ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما. أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة.
ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرّنّة؟ فقال : هذا الشيطان أيس من عبادته. إنك تسمع ما أسمع ، وترى
__________________
(١) الكافي الشريف ، ج ١ ، ص ٦٤ ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث ، رقم ١.
(٢) المعيار والموازنة ، ص ٣٠١.
(٣) بفتح العين : رائحته الذكيّة.
(٤) الخطل : الخطأ ينشأ من عدم الرويّة.