قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ولكل شيء فارس ، وفارس القرآن ابن عباس» (١).
ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين ، فحنّكه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبارك له. فتربّى في حجره ، وبعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد لازم بيت النبوّة. وربّاه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فأحسن تربيته ، ومن ثم كان من المتفانين في ولاء الإمام عليهالسلام. وقد صحّ قوله : «ما أخذت من تفسير القرآن فمن عليّ بن أبي طالب». هذا في أصول التفسير وأسسه.
وكان يراجع سائر الأصحاب ممن يحتمل عنده شيء من أحاديث الرسول وسننه ، مجدّا في طلب العلم مهما كلّف الأمر. فكان يأتي أبواب الأنصار ممن عنده علم من الرسول ، فإذا وجد أحدهم نائما كان ينتظره حتى يستيقظ ، وربما تسفي على وجهه الريح ، ولا يكلّف من يوقظه حتى يستيقظ هو على دأبه ، فيسأله عما يريد وينصرف ، وبذلك كان يستعيض عما فاته من العلم أيام حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لصغره ، باستطراق أبواب العلماء من صحابته الكبار.
قيل لطاوس : لزمت هذا الغلام ـ يعني ابن عباس لكونه أصغر الصحابة يومذاك ـ وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : إنّي رأيت سبعين رجلا من أصحاب رسول الله ، إذا تدارءوا في أمر ، صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن عبيد الله بن عليّ بن أبي رافع ، قال : كان ابن عباس يأتي جدّي أبا رافع ، فيسأله عما صنع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم كذا ، ومعه من يكتب له ما يقول.
قال مسروق بن الأجدع : كنت إذا رأيت ابن عباس قلت : أجمل الناس ، فإذا نطق قلت : أفصح الناس ، فإذا تحدّث قلت : أعلم الناس.
وقال أبو بكرة : قدم علينا ابن عباس البصرة ، وما في العرب مثله حشما ،
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٢٢ ، (ط بيروت) ، ص ٣٤٣.