وعبد الله هذا هو ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ولد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة وأصبح من فقهائها ، وتحوّل إلى البصرة ورضيته العامة ، واصطلحوا عليه حين هلك يزيد بن معاوية. توفّي سنة (٨٤) بالأبواء ودفن بها ، وكان خرج إليها هاربا من الحجاج (١).
غير أنّ الطبري روى بإسناده إلى حسّان بن مخارق عن عبد الله بن الحرث ، أنه هو الذي سأل كعبا عن ذلك ، قال : قلت لكعب الأحبار : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ...) أما يشغلهم رسالة أو عمل؟ قال : يا ابن أخي ، إنهم جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجيء وتذهب وأنت تتنفّس؟ قلت : بلى! قال : فكذلك جعل لهم التسبيح (٢).
قلت : يا ترى ، هل كان هو الذي سأل كعبا أو أنه سمع ابن عباس يسأل كعبا؟
في حين أنه لا يقول : سمعت ابن عباس يسأله ، بل مجرد أنّ ابن عباس سأله ، الأمر الذي لا يوثق بكون الرواية منتهية إلى سماع ، والظاهر أنه إرسال.
على أنه من المحتمل القريب أن السائل هو بالذات ، لكنّ ابنه إسحاق كره نسبة السؤال من مثل كعب إلى أبيه ، فذكر الحديث عن أبيه مع إقحام واسطة إرسالا من غير إسناد. ويؤيد ذلك أنّه لم تأت رواية غير هذه تنسب إلى ابن عباس أنه سأل مثل كعب ، فالأرجح في النظر أنه مفتعل عليه لا محالة.
واستند جولد تسيهر ـ في مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب ـ أيضا إلى ما رواه الطبري بإسناده إلى أبي جهضم موسى بن سالم مولى ابن عباس ، قال : كتب ابن
__________________
(١) تهذيب التهذيب ، ج ٥ ، ص ١٨٠ ـ ١٨١.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٧ ، ص ١٠.