ما جاء بك ، ما حاجتك؟ فأقول : حديث بلغني عنك ترويه عن رسول الله ، فيقول : ألا أرسلت إليّ؟! فأقول : أنا أحقّ أن آتيك (١).
ومن ثم كان يسمّى «البحر» لكثرة علمه. وعن مجاهد : هو حبر الأمّة. وعن ابن الحنفية : ربّاني هذه الأمّة (٢) ، إلى غيرها من تعابير تنمّ عن مدى رفعته في درجات العلم.
وقد كان يجلس للتفسير فيقع موضع إعجاب. قال أبو وائل : حججت أنا وصاحب لي ، وابن عباس على الحج ، فجعل يقرأ سورة النور ويفسّرها. فقال صاحبي : يا سبحان الله ، ما ذا يخرج من رأس هذا الرجل ، لو سمعت هذا الترك لأسلمت. وفي رواية عن شقيق : ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله ، لو سمعته فارس والروم لأسلمت. وقال عبد الله بن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس (٣).
وأسلفنا حديث مسروق بن الأجدع : وجدت أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كالإخاذ ، فالإخاذة تكفي الراكب ، والإخاذة تكفي الراكبين ، والإخاذة تكفي الفئام من الناس. وفي لفظ آخر : لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم (٤).
كناية عن أنهم كانوا على درجات من العلم ، كانوا يصدرون الناس عن رويّ كان مستقاه ومادته الأولى ، هو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو ربّاهم وأدّبهم فأحسن تأديبهم ، وإن كانوا هم على تفاوت في استعداد الأخذ والتلقّي (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ
__________________
(١) المستدرك ، ج ٣ ، ص ٥٣٨.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٥٣٥.
(٣) المستدرك ، ج ٣ ، ص ٥٣٧.
(٤) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٣٦.