يجاوزهنّ حتى يعلم معانيهنّ والعمل بهنّ» (١).
وهو أقدم نصّ تاريخي يدلّنا على مبلغ اهتمام الصحابة بمعرفة معاني القرآن واجتهادهم في العمل بأحكامه.
وهذا الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يقول ـ بشأن ما كان يصدر منه من عجائب أحكام وغرائب أخبار ـ : «وإنّما هو تعلّم من ذي علم ، علم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطمّ عليه جوانحي» (٢).
وهذا ابن عباس ـ تلميذه الموفّق ـ كان من أحرص الناس على تعلّم العلم ومعرفة الأحكام والحلال والحرام من شريعة الإسلام. وكان قد تدارك ـ لشدة حرصه في طلب العلم ـ ما فاته أيّام حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لصغره (٣) بمراجعة العلماء من صحابته الكبار بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد كان النبي قد دعا له : «اللهم علّمه التأويل وفقّهه في الدين ، واجعله من أهل الإيمان» (٤).
روى الحاكم في المستدرك بشأن حرصه على طلب العلم : أنه بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لرجل من الأنصار : هلّم ، فلنطلب العلم ، فإنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحياء. فقال : عجبا لك يا ابن عباس ، ترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناس من أصحاب رسول الله من فيهم. فأقبل ابن عباس يطلب العلم ، قال : إن كان الحديث ليبلغني عن الرجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد سمعه منه ، فآتيه فأجلس ببابه ، فتسفي الرّيح على وجهي ، فيخرج إليّ فيقول : يا ابن عمّ رسول الله ،
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١ ، ص ٢٧ و ٣٠.
(٢) نهج البلاغة ، خ ١٢٨ ، ص ١٨٦ (ص ص)
(٣) ولد قبل الهجرة بثلاث سنين.
(٤) أخرجه الحاكم وصححه. المستدرك ، ج ٣ ، ص ٥٣٦.