العرش. ولا كيفية عذاب أهل النار ، ولا نعيم أهل الجنة ، كما قال تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(١) فليست نار الآخرة كنار الدنيا ، وإنما هي شيء آخر. وليست ثمرات الجنة ولبنها وعسلها من جنس المعهود لنا في هذا العالم ، وإنما هو شيء آخر يليق بذلك العالم ويناسبه.
قال : وإننا نبيّن ذلك بالإطناب الذي يحتمله المقام ، مستمدّين من كلام هذا الحبر العظيم ، ناقلين بعض ما كتبه (٢). وجعل ينقل ما سرده ابن تيميّة بإسهاب.
وهذا الذي ذكره ابن تيميّة وأشاد به رشيد رضا ، لا يعدو ما يعود إليه أمر الشيء ، أخذا بالمفهوم اللغوي لمادة التأويل. أما العين الخارجية بالذات فلعلّه من اشتباه المصداق بالمفهوم ، فإن الوجود العيني للأشياء هي عين تشخّصاتها المعبّر عنها بالمصاديق الخارجية ، ولم يعهد إطلاق لفظ «التأويل» على المصداق في متعارف الاستعمال إلّا أن يكون من عرفهما الخاص ، ولا مشاحّة في الاصطلاح.
وعلى أيّ تقدير ، فإنهما لم يأتيا بشيء جديد ، فإن مسألة الوجودات الأربعة للأشياء (الذهني واللفظي والكتبي والعيني) أمر تعارف عليه أرباب المنطق منذ عهد قديم ، إلّا أن الشيء الذي لم يتعارف عليه هو إطلاق اسم «التأويل» على العين الخارجية ، باعتبارها مصداقا للوجودات الثلاثة المنتزعة عنها ، سوى كونه مصطلحا جديدا غير معروف.
ولسيدنا العلامة الطباطبائي كلام تحقيقي لطيف حول مسألة التأويل ، يراه
__________________
(١) السجدة / ١٧.
(٢) تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ١٧٢ ـ ١٩٦.