فالعبد قد تغلبه نفسه فيرتكب إثما ليس من دأبه ، ومن ثم يتذكّر فيتوب إلى الله مما اغترف ، وهكذا فلو عاد ليس من عادته ، وتاب تاب الله عليه ، إنّ الله هو التواب الرحيم.
وهذه هي النكتة الدقيقة التي جاءت الإشارة إليها في تفسير ابن المسيّب «ولا يعود في شيء قصدا» ، وهذا المعنى هو الذي يفيده صدر الآية (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ ، إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ ... فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ...)(١).
وإلى هذا المعنى يشير التفسير الوارد عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ، قال : «والأوّاب : النوّاح المتعبّد الراجع عن ذنبه». وهكذا روي عن مجاهد بن جبر أيضا (٢).
النوّاح : مبالغة في النوح ، وهو الذي ينوح على نفسه وندبها ندما على ما فرط منه ، منيبا مستغفرا أوّابا. وتدل أداة الإعراض «عن» على ندم بالغ ، وعزم صارم على الترك أبدا.
وأما ما روي من التفسير ب «الصلاة» بين المغرب والعشاء ، فهذا من الوسيلة التي يجب ابتغاؤها إلى الله عزّ شأنه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)(٣). ومن ثم سمّيت صلاة الأوّابين.
روى هشام بن سالم عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : صلاة أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة خمسين مرّة «قل هو الله أحد ...» هي صلاة الأوّابين (٤).
__________________
(١) الإسراء / ٢٥.
(٢) راجع : مجمع البيان للطبرسي ، ج ٦ ، ص ٤١٠.
(٣) المائدة / ٣٥.
(٤) مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٤١٠.