تعريف القرآن لها ، ممّا أفضى إلى بروز ظاهرة جديدة باسم «الترجمة».
إن مرور أربعة عشر قرنا على تفسير القرآن ، وظهور مدارس تفسيرية مختلفة ، وجهود الفرق الإسلامية وعلماء المسلمين لاستيعاب المعارف القرآنية ، والاهتمام بمستلزمات تفسير القرآن ، وعشرات الموضوعات الأخرى ، كلّ ذلك حفّز الجميع على الاتّجاه الجادّ نحو فصل مهم في علوم القرآن ، تحت عنوان «التفسير والمفسرون».
وأوّل كتاب مستقل تمّ تدوينه في هذا المجال هو كتاب «مذاهب التفسير الإسلامي» الذي ألّفه جولد تسيهر. وترجم هذا المستشرق في الكتاب المذكور وغيره من كتبه الأخرى جهله ، بل حقده على الإسلام. وحذا حذوه الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه «التفسير والمفسرون» الذي ألّفه في جزءين. ولقي هذا الكتاب ترحيبا من قبل الأوساط العلمية والجامعية من لدن صدوره حتّى اليوم. وهو الكتاب الوحيد الذي تبسّط في مباحثه حول التفسير والمفسرين.
بيد أنّه مني أيضا بمثالب فاظعة ؛ إذ أنّه غفل عن كثير من الكتب التي صنّفت قبله في التفسير ، ووهم في تعريف المفسرين وكتبهم لاعتماده على مصادر ضعيفة ، والأنكى من ذلك كلّه أنّ مؤلّفه عبّر عن بغضه وإجحافه بحقّ بعض المذاهب الإسلامية وتفاسيرها ممّا قلّل من قيمة الكتاب كثيرا.
ومن بين المذاهب التي أسخطته ، وتجرّعت مضض جفائه أكثر من غيرها هو المذهب الجعفري ؛ إذ تحامل الذهبي على عقائد الشيعة ، وذكر تفاسيرهم في عداد التفاسير المشوبة بالبدع.
إنّ ما يؤلمنا حقا هو تدريس هذا الكتاب في جامعات بلادنا ، وذلك يعود إلى غياب كتاب يستبدل به. وقيّض الله تعالى من يملأ هذا الفراغ ، وهو الأستاذ المحقق ، الباحث القرآني سماحة آية الله محمد هادي معرفة ـ دام ظلّه ـ الذي هبّ إلى تأليف كتاب «التفسير والمفسرون» بعزم راسخ وجهد كبير وبحث شامل.