وأما أنه كان على الخيل لعبيد الله بن زياد ـ على ما جاء في المسترشد (١) ـ فلعلّه من الوهن بمكان ؛ لأنّ ذاك هو مسروق بن وائل الحضرمي من أجناد الكوفة ، الذين خرجوا لقتال الحسين بن عليّ عليهماالسلام في واقعة الطفّ بكربلاء. قال أبو مخنف عن عطاء بن السائب عن عبد الجبار بن وائل الحضرمي عن أخيه مسروق بن وائل ، قال : كنت في أوائل الخيل ممن سار إلى الحسين ، فقلت : أكون في أوائلها لعلّي أصيب رأس الحسين ، فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد ... (٢). وكان قد أدرك حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقدم عليه في وفد حضرموت (٣).
أمّا دفاعه عن عثمان فلعله كان لمحض الحفاظ على الوحدة دون تفرقة الكلمة ، وليس عن عقيدة بشأنه في نفسه ، ومن ثم ذكروا أنه روى عن أبي بكر وعمر وعليّ وابن مسعود وأبيّ بن كعب ، ولم يرو عن عثمان شيئا (٤).
وكذا احترامه لعائشة كان لموضع حرمتها من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم محضا ، وقد كان من المعترضين عليها في اضطراب موقفها بشأن عثمان. أخرج ابن سعد عن الأعمش عن خيثمة عن مسروق عن عائشة ، قالت حين قتل عثمان : تركتموه كالثوب النقيّ من الدنس ، ثم قرّبتموه تذبحونه كما يذبح الكبش ، هلّا كان هذا قبل هذا؟ فقال لها مسروق : هذا عملك ، أنت كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه ،
__________________
(١) قاموس الرجال ، ج ٨ ، ص ٤٧٥.
(٢) تاريخ الطبري ، ج ٥ ، ص ٤٣١ (ط دار المعارف)
(٣) الإصابة ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ رقم ٧٩٣٣. والاستيعاب بهامشه ، ج ٣ ، ص ٥٣١ ـ ٥٣٢. وأسد الغابة ج ٤ ، ص ٣٥٤.
(٤) طبقات ابن سعة ، ج ٦ ، ص ٥١ (ط ليدن)