وقد أخذ هذا التوسع بازدياد مطّرد ، وفي أبعاد مستجدّة كلّما توسّعت العلوم والمعارف ، وازداد التعرّف إلى آداب وثقافات كان يملكها أمم يدخلون في دين الله أفواجا ، ومعهم علومهم ومعارفهم ، يحملونها ويجعلونها في خدمة الإسلام والمسلمين ، وكانت لم تزل تتّسع مع اتساع رقعة الإسلام.
ولا يزال حجم التفسير يتضخّم ؛ حيث وفرة العلوم والمعارف المساعدة لحلّ قسط وافر من مشاكل غامضة ، ممّا تحتضنه كثير من آيات كونية أو لافتة إلى خبايا أسرار الوجود. وللعلم والفلسفة في جميع مناحيهما حظهما الأوفر في هذا المجال.
ثانيا : تشكّله وثبته ، ثم تدوينه.
كان التفسير على عهد الصحابة كحاله في عهد الرسالة ، منتثرا على أفواه الرجال ، ومبثوثا بين أظهرهم ، محفوظا في الصدور ، لقصر خطاه وقرب مداه. ومقتصرا على بضع كلمات لبضع آيات ، كانت خافية المفاد ، أو مبهمة المراد حينذاك.
أما وكونه منتظما رتبيا ، ومثبتا ذا تشكيل وتدوين ، فهذا قد حصل أو أخذ في الحصول على عهد التابعين وتابعي التابعين. كان أحدهم يعرض القرآن من بدئه إلى الختم ، على شيخه يقرؤه عليه ، يقف لدى كل آية آية يسأله عنها ويستفهمه معانيها ، أو يستعلم منه مقاصدها ومراميها ، ولا يجوزها حتى يدوّنها في سجلّ ، أو يثبتها في دفتر أو لوح ، كان يحمله معه. وهكذا أخذ التفسير يتشكل ويتدوّن ذلك العهد.
قال مجاهد : عرضت القرآن على ابن عبّاس ثلاث مرّات ، أقف عند كل آية ، أسأله فيم أنزلت ، وكيف نزلت. قال ابن أبي مليكة : رأيت مجاهدا يسأل ابن