الخبير أخبره بذلك. وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا ، فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض (١).
ثالثا : أنّهم الراسخون في العلم والمصداق الأوفى لوصف أهل الذكر ، الذين يعلمون تفسير القرآن وتأويله ، فهم وحدهم مراجع الأمّة ، في فهم معاني الكتاب ودرس آياته عبر العصور ، إنهم أبواب الهدى ومصابيح الدّجى وسفن النجاة.
قال الهيثمي ـ في مقارنة لطيفة بين «الكتاب» و «العترة» ـ : سمّى رسول الله ـ ص ـ القرآن وعترته ثقلين ؛ لأن الثقل كل نفيس خطير مصون. وهذان كذلك ؛ إذ كل منهما معدن للعلوم اللّدنيّة والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعية ؛ ولذا حثّ رسول الله ـ ص ـ على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلم منهم ، وقال : «الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت». وقيل : سمّيا ثقلين ؛ لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
ثم الذين وقع الحثّ عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنّة رسوله ؛ إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ، ويؤيده الخبر السابق «ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم». وتميّزوا بذلك عن بقية العلماء ؛ لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وشرّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة.
وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أن الكتاب العزيز كذلك ؛ ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض ـ حسبما يأتي ـ.
ويشهد لذلك قوله ـ ص ـ : «في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي
__________________
(١) أعيان الشيعة ، ج ١ ، ص ٣٧٠ في السابع من دلائل فضل عليّ عليهالسلام على سائر الصحابة ، ونقله الغدير ، ج ٣ ، ص ٢٩٧ ـ ٢٩٨.