يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه. والصلاة كلها في السفر ، الفريضة ركعتان ، كل صلاة ، إلّا صلاة المغرب ، فإنها ثلاث ليس فيها تقصير ، تركها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في السفر والحضر ثلاث ركعات. وقد سافر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذي خشب (١) ـ وهي مسيرة يوم من المدينة ، يكون إليها بريدان : أربعة وعشرون ميلا ـ فقصّر وأفطر ؛ فصارت سنّة ، وقد سمّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوما صاموا حين أفطر العصاة.
قال : فهم العصاة إلى يوم القيامة ، وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا (٢).
وهذا الحديث ـ على طوله ـ مشتمل على فوائد جمّة :
أوّلا : عدم منافاة بين وجوب التقصير في السفر ، وبين قوله تعالى في الآية الكريمة : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ، نظير نفي الجناح الوارد في السعي بين الصفا والمروة ، فإنه واجب بلا شك.
وإنّما جاء هذا التعبير لدفع توهّم الحظر ؛ حيث شعر المسلمون بأنّ التكليف هو التمام ، كما في سائر العبادات ، لا تختلف سفرا وحضرا ، سوى الصوم والصلاة ؛ فدفعا لهذا الوهم نزلت الآية الكريمة.
ثانيا : إن الآية دلّت على مشروعيّة القصر في السفر ، وقد فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفعله المسلمون ، وكذلك الأئمّة بعده ، ولم يتمّ أحد منهم الصلاة في
__________________
(١) قال ياقوت الحموي : بضم أوله وثانيه ، واد على مسيرة ليلة من المدينة. معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٣٧٢.
(٢) من لا يحضره الفقيه ، ج ١ ، ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ رقم ١٢٦٦.