قال المحقق الفيض : قيل : كأنهم ألفوا الإتمام وكان مظنّة لأن يخطر ببالهم أنّ عليهم نقصانا في التقصير ، فرفع عنهم الجناح ؛ لتطيب نفوسهم بالقصر ويطمئنوا إليه (١).
وروى أبو جعفر الصدوق بإسناده الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم ، إنهما قالا : قلنا للإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام : ما تقول في الصلاة في السفر ، كيف هي ، وكم هي؟
فقال : إن الله عزوجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)(٢) فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.
قالا : قلنا : إنما قال الله ـ عزوجل ـ : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟
فقال عليهالسلام : أو ليس قد قال الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)(٣) ، ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض ؛ لأن الله ـ عزوجل ـ ذكره في كتابه وصنعه نبيّه عليهالسلام ، وكذلك التقصير في السفر شيء صنعه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكره الله تعالى ذكره في كتابه.
قالا : قلنا له : فمن صلّى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟
قال : إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له ، فصلّى أربعا أعاد وإن لم
__________________
(١) تفسير الصافي ، ج ١ ، ص ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
(٢) النساء / ١٠١.
(٣) البقرة / ١٥٨.